أدوات الوصول

Skip to main content

المدونة

ابق على اطلاع بأخبارنا الجديدة!

الارتباط العاطفي بالمنتج: لماذا يحب المستخدم بعض التجارب أكثر من غيرها؟

aad95402d7383423eaec9445a33d7313bf4773635a86128567d275c2ddd34fd8?s=96&d=mm&r=g
Sumaia Hamed | 13/11/2025 |
image?src=%7B%22file%22%3A%22wp content%2Fuploads%2Fsites%2F2%2F2025%2F11%2FEmotional design banner Ar scaled

هل حدث أن احتفظت بساعة قديمة لا تعمل، أو كوب مكسور قليلاً، فقط لأنك لا تستطيع رميه؟ أو شعرت بالحنين عندما اضطررت لتبديل هاتفك الأول، رغم أنه بطيء وقديم؟. هل سبق وأن فتحت صندوقك القديم لتجد شيئًا بسيطًا بطاقة، لعبة، أو حتى قلم فتبتسم دون أن تدري؟

هذه اللحظات الصغيرة تُذكّرنا بأن علاقتنا بالأشياء ليست عقلانية دائمًا. ليست المسألة مجرد منفعة أو استخدام، بل تجربة عاطفية نعيشها مع المنتج بمرور الوقت. فكل خدش على تلك الساعة القديمة يحمل قصة، وكل بقعة على الكوب تذكّرنا بلحظة أو شخص أو إحساس.

هذه ليست مجرد أشياء بل ذكريات ومواقف نربطها بها. وهنا بالتحديد يظهر مفهوم الارتباط العاطفي بالمنتج، ذلك الشعور الذي يجعل شيئًا بسيطًا يكتسب معنى يفوق قيمته المادية.

ما هو الارتباط العاطفي بالمنتج؟

هو العلاقة الشعورية التي تنشأ عندما يُثير المنتج استجابة وجدانية لدى الإنسان سواء كانت فرحًا، ثقة، أو حتى حنينًا. هذه العلاقة لا تُبنى من الوظائف، بل من التجارب التي يخلقها المنتج مع مرور الوقت.

لماذا المشاعر مهمة في التصميم؟

في عالم تتشابه فيه الوظائف والمزايا التقنية، المشاعر هي ما يصنع الفرق. فالمنتجات التي تُصمَّم لتثير مشاعر إيجابية مثل الراحة، الثقة، والسهولة تبقى لفترات أطول في حياتنا، وتصبح جزءًا من هويتنا اليومية.

1. توليد الولاء والانتماء

عندما يشعر المستخدم أن المنتج “يفهمه”، يكوّن معه علاقة طويلة المدى. كما تشير الدراسات إلى أن الحب والارتباط العاطفي مع المنتج أو العلامة التجارية يؤديان مباشرة إلى الولاء والاستخدام المستمر.

2. تجربة استخدام أكثر عمقًا

هنا يظهر دور تجربة المستخدم (User Experience) فهي ليست مجرد ترتيب الأزرار أو جعل الأمور تعمل بسلاسة، بل خلق إحساس بالراحة والانسيابية أثناء الاستخدام.

3. قابلية الاستخدام (Usability) وحدها لا تكفي

حتى لو كان المنتج سهل الاستخدام من الناحية التقنية، فقد يفشل في كسب المستخدم إذا لم يُحدث تفاعلًا شعوريًا.

البشر لا يتفاعلون فقط مع ما “يعمل”، بل مع ما يشعرون أنه صُمم لأجلهم. وهنا يأتي التوازن بين الوظيفة والعاطفة  حيث لا يكفي أن يكون التصميم واضحًا، بل يجب أن يكون قريبًا، ومريحًا.

ربط المشاعر بمفهوم “التصميم المتمركز حول الإنسان (Human-Centered Design)”

التصميم العاطفي هو في جوهره امتداد للتصميم المتمركز حول الإنسان، وهو نهج يضع احتياجات المستخدم ومشاعره وتجربته في صميم عملية التصميم.

فبدل أن يبدأ المصمم بالسؤال “كيف أجعل هذا يعمل؟”، يبدأ بالسؤال “كيف سيشعر الإنسان عند استخدامه؟”.

يهدف هذا النهج إلى فهم دوافع الناس، وتطلعاتهم، وحتى مخاوفهم، ليُقدَّم لهم منتج لا يلبّي احتياجاتهم فحسب، بل يخاطب إنسانيتهم. فحين يشعر المستخدم بأن التصميم يراعيه ويفهمه، يتحول التفاعل من مجرد استخدام إلى علاقة حقيقية قائمة على الثقة والراحة.

كيف يساهم التصميم الجيد في بناء هذا الارتباط؟

الباحث Don Norman  صاحب مفهوم التصميم العاطفي (Emotional Design)  يصف ثلاث مستويات يتفاعل فيها الإنسان مع التصميم:

  1. المستوى الحسي (Visceral): كيف يبدو المنتج ويؤثر في حواسنا فورًا، الألوان، الملمس، الأصوات. على سبيل المثال، صوت غلق باب سيارة فاخرة مصمَّم ليمنح إحساسًا بالأمان والجودة.
  2. المستوى السلوكي (Behavioral): كيف يعمل المنتج وكيف يشعر المستخدم أثناء استخدامه. تجربة السلاسة والسهولة هنا تبني الثقة والرضا.
  3. المستوى التأملي (Reflective): ما الذي يبقى بعد الاستخدام.  هل يشعر المستخدم أن المنتج يمثل ذوقه؟ هل يعبّر عنه؟.  هذه المرحلة تبني علاقة طويلة الأمد بين المستخدم والمنتج.

تصميم المادة (Material Design): عندما تجتمع الوظيفة بالعاطفة

مبادئ Material Design التي طوّرتها Google ليست مجرد “دليل بصري”، بل فلسفة كاملة تهدف إلى جعل التصميم قابلًا للفهم، وسهل الاستخدام، وإنسانيًا في الوقت ذاته.

تتبعها العديد من الشركات لأنها تحقق التوازن بين:

  • الوظيفة (Usability): وضوح التفاعل وسلاسة الحركة.
  • الجمال (Aesthetic): استخدام الألوان، الظلال، والمسافات لتوليد راحة بصرية.
  • العاطفة (Emotion): من خلال الحركات الانسيابية والانتقالات الطبيعية التي تشعر المستخدم بالدفء والانسيابية، لا بالجمود أو الجفاف.

اتباع هذه المبادئ يضمن أن التجربة ليست فقط “سهلة”، بل ممتعة ومريحة ومألوفة، وهو ما يعزز الارتباط العاطفي ويحوّل المنتج من مجرد أداة إلى تجربة حسية متكاملة.

التعلق المفيد… والتعلق الضار

لكن ليس كل ارتباط عاطفي إيجابيًا. الارتباط الصحي هو الذي يدعم الإنسان، لا الذي يسيطر عليه.

  • التعلق المفيد: عندما يمنح المنتج شعورًا بالراحة والدعم، مثل دراجة تساعدك على النشاط، أو كتاب يشجّعك على التفكير.
  • التعلق الضار: عندما يتحول المنتج إلى اعتماد مفرط أو مصدر توتر مثل الأجهزة أو التطبيقات التي تستهلك انتباهك بلا وعي.

الخاتمة

في عالمٍ تتسارع فيه التقنيات وتتبدّل فيه المنتجات كل يوم، يبقى ما يميز التصميم الجيد هو قدرته على لمس الإنسان. الارتباط العاطفي ليس ترفًا بصريًا ولا تفصيلًا تسويقيًا. فعندما تُبنى التجربة على الفهم، والاحترام، والمشاعر لا على الوظيفة فقط، تتحوّل التقنية من أدوات باردة إلىجزءٍ من حياتنا اليومية

وفي شركة العنكبوت الليبي نؤمن أن التصميم الحقيقي يبدأ من الإنسان وينتهي إليه. كما نراعي في كل منتج أو واجهة نطوّرها تجربة المستخدم بكل تفاصيلها، لأننا نؤمن أن التقنية لا تكتمل إلا عندما يشعر المستخدم بالراحة والثقة والانتماء تجاهها. ففي النهاية، التصميم ليس مجرد ما نراه، بل ما نشعر به أثناء استخدامه.

شارك:

FacebookTwitterLinkedInWhatsAppTelegramViberCopy Link
اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *